21 Mar 2017

الأميرة هيا بنت الحسين: الحضارات بنيت على صهوات الخيول

 

أكدت حرم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي سمو الأميرة هيا بنت الحسين أن   الخيول في حياة العرب منذ القدم فعلى صهواتها بنيت الحضارات واستئناسها غير عالمنا تغييرا جذريا ولعب دورا جوهريا في رسم معالم الدول كما نعرفها اليوم.

وأضافت أنه لم يكن لأي حيوان آخر مثل هذا التأثير على الواقع الجغرافي - السياسي وعلى مفهوم السرعة فقد وفرت الخيل وسائل نقل قوية وسريعة في حين كان الخيل رمزا للمكانة المرموقة لمن يستطيع امتلاكه والعناية به.

وقالت سموها في مقال لها تحت عنوان "تاريخ سباقات الخيول " .. إنه في الـ 25 من شهر مارس الجاري ستحتفي دبي مع العالم بأسره باستضافتها لأحد أهم الأحداث في عالم سباقات الخيول ألا وهو " كأس دبي العالمي لسباق الخيل " بدورته الـ 22 والذي يحظى سنويا بمشاركة نخبة من أفضل الخيول من مختلف أنحاء العالم للتنافس على أرض دولة الإمارات التي اشتهرت عبر التاريخ  بتراثها الغني وتقاليدها العريقة في هذا الميدان.

واضافت أن هذا الحدث يستقطب اهتمام الآلاف من عشاق الخيول ورياضاتها الذين يحرصون على حضوره ومتابعة فعالياته من داخل الدولة وخارجها إلا أن الكثيرين أيضا ربما يتطلعون لمعرفة المزيد حول سباقات الخيول فمعلومات بسيطة من شأنها أن تضيف أبعادا جديدة إلى تجربتهم مع السباق.

وأشارت إلى أنه غالبا ما تكون لدى البعض أسئلة بسيطة تبحث عن إجابات قد لا تتوفر في الكتب والتقارير المتخصصة التي غالبا ما تركز على الأصول والنظريات أكثر من اهتمامها بشرح ماهية هذه الرياضة الرائعة للمبتدئين..

لذلك أردت أن أشارككم بعض أفكاري عبر سلسلة من المقالات اعتبارا من اليوم وحتى تاريخ انعقاد كأس دبي العالمي أملا في توضيح جوانب هامة لهذه الرياضة وأسرارها لشريحة أكبر من المهتمين.

 وأوضحت أن أوائل من ركبوا الخيل في العالم هم على الأرجح سكان شبه الجزيرة العربية وآسيا الوسطى قبل حوالي 5500 سنة حيث أطلقوا شرارة ثورة عالمية لم تخب جذوتها قط فقد كان لاستئناس الخيول - حتى تألف الإنسان - الأثر العميق على تاريخ البشر إذ بنيت الحضارات على صهواتها سواء من خلال حرثها للحقول أو جرها للأحمال والعربات أو حملها للجنود إلى ساحات المعارك وتوقفت نتائج كثير من الحروب على مهارة هؤلاء المحاربين على صهوات خيولهم الذين اكتسحوا مناطق شاسعة من العالم.

وقالت إن الخيول مكنت الخيول الإنسان من السفر لمسافات طويلة بصورة مريحة نسبيا فاتحة بذلك مزيدا من الفرص للتجارة وآفاقا أخرى لم تطرق من قبل.

وأشارت إلى أن استئناس الخيل غير عالمنا تغييرا جذريا ولعب دورا جوهريا في رسم معالم الدول كما نعرفها اليوم ولم يكن لأي حيوان آخر مثل هذا التأثير على الواقع الجغرافي - السياسي وكذلك على مفهوم السرعة فقد وفرت الخيل وسائل نقل قوية وسريعة في حين كان الخيل أيضا رمزا للمكانة المرموقة لمن يستطيع امتلاكه والعناية به.

وأضافت ليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن طبيعة البشر تغيرت كثيرا على مر آلاف السنين فما هي إلا مسألة التقاء رجلين يتباهى كل بخيله فما لبثا يستبقان ليثبتا أي منهما أسرع.

وذكرت سموها أن سباق الخيول بأشكاله المختلفة لم يكن حكرا على جيل أو حضارة بعينها بل إن جميع الحضارات الكبرى تقريبا على مدى آلاف السنين عرفت شكلا ما من أشكال السباق فقد عرفه قدامى اليونانيين والبابليين والسوريين والمصريين ولعل معظم أشكال السباق المعروفة حول العالم تعود في الأصل إلى منافسات مرتجلة كان الغرض منها معرفة خيل من هو الأسرع..

فقد اكتسبت المطاردة الخطرة بين عربات السباق التي كانت تعتبر آنذاك بمثابة سيارات السباق شعبية واسعة لدى الإغريق والرومان وكذلك في الإمبراطورية البيزنطية أيضا.

وتابعت أن سباق الخيل تطور إلى فن هام أيام الرومان وشكل مصدرا رئيسيا من مصادر الترفيه لدى الجمهور ومثلت منافسات ركوب الخيل أحد مكونات الألعاب الأولمبية القديمة كما أدت رياضات ركوب الخيل دورا هاما مزدوجا تمثل في تمكين المحاربين من التدرب والارتقاء بمهاراتهم في مجالات الفروسية لأغراض الحرب.

وقالت إن سباق الخيل في أيامنا المعاصرة يتخذ مظاهر شتى وأكثر ما يثير اهتمام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" فئتان منها وهما سباقات القدرة والسرعة " المضمار".

وأوضحت أن " سباق القدرة " كما يدل عليه اسمه اختبار لمدى القدرة على التحمل والجلد والصبر والصمود واللياقة البدنية لأن الخيل وفارسه يقطعان فيه مسافات كبيرة – تصل إلى مئة ميل وتنسجم سباقات الخيول المهجنة الأصيلة " ثوروبريد" تماما مع نقطة القوة التي تتميز بها هذه السلالة ألا وهي السرعة ونحن في دولة الإمارات نختص بسباقات المضامير للخيول العربية الخيول المهجنة الأصيلة " ثوروبريد".

وأضافت أن سلالة الخيل العربي رفيقة دربنا منذ الحقبة التي سبقت بعثة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.. وما أكثر الأحاديث النبوية الشريفة والأقوال المأثورة في تراثنا التي تمنح الخيل العربي مكانة رفيعة في مجتمعنا.

وأشارت إلى أن أصول سباقات الخيل الحديثة - إن جاز التعبير - تعود إلى قرابة القرن الـ 12 الميلادي حين اصطحب الفرسان الإنجليز معهم بعض الخيول العربية إلى بريطانيا وهم عائدون من الحملات الصليبية فقد كانت سماتها المميزة واضحة وتمت مزاوجتها مع الخيول الإنجليزية لتحسين النسل فقد كانت طبقة النبلاء والأشراف يبحثون عن السرعة وكان كل منهم على استعداد للرهان على كون خيله أسرع من خيول أقرانه.

وذكرت أن سباق الخيل بدأ يتطور إلى رياضة احترافية مع مطلع القرن الـ 17 عندما أصبحت منافسات السباق تنظم على أساس فئة المشاهدين الذين يحق لهم المراهنة على النتيجة وأصبحت هناك جوائز مالية وتحولت عملية تناسل الخيول واقتناء الأسرع منها مشروع وصناعة من شأنها أن تدر أرباحا.

ولفتت إلى تزامن ظهور المعايير الاحترافية هذه مع بدايات نشأة سلالة الخيول المهجنة الأصيلة " ثوروبريد "ويعود نسب كل خيول الثوروبريد التي تشارك في سباقات اليوم إلى واحد على الأقل من ثلاثة فحول من الخيول العربية الأصيلة التي اصطحبت من الصحراء العربية إلى بريطانيا والتي تعد أصل هذه السلالة فقد تركت هذه الخيول الثلاثة وهي "جودولفين" العربي و"دارلي" العربي و"بيرلي تورك" – والتي سميت على أسماء ملاكها الإنجليز – بصمة لا تمحى على هذه السلالة.

وتابعت أن المهور المستولدة من هذه الفحول كانت أول أجيال سلالة الثوروبريد وقد أطلقت على اثنين من مشاريع سباق الخيول العالمية التابعة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على اسم اثنين من تلك الفحول المرموقة وهما "اسطبلات جودلفين للسباق" و"مشروع دارلي لتربية الخيول".

وقالت سمو الأميرة هيا بنت الحسين إنه لم يخطر ببال أحد من رواد سباق الخيول الأوائل من الإنجليز أن تصل هذه الرياضة إلى ما وصلت إليه ودارت هذه الرياضة دورة كاملة من خلال خيول السباق الأولى لتعود إلى موطنها الأصلي في الصحراء.

وأضافت أنه ربما أن سباق الخيول المهجنة الأصيلة " ثوروبريد " في دولة الإمارات لا يزال في مرحلة مبكرة من عمره وفق المعايير العالمية لكننا مع ذلك فقد قطعنا شوطا كبيرا في هذا المضمار.. صحيح أن هذه السباقات نشأت بداية في مطلع القرن الـ 17 في بريطانيا لكنها لم تبدأ في دبي حتى عام 1981 حين استضاف مضمار سباق الجمال أول لقاء جرت خلاله ثلاثة سباقات.

وأشارت إلى أن أول مضمار سباق خصص لهذا الغرض شيد عام 1992 وهو مضمار "ند الشبا" وبعد ذلك بأربع سنوات فقط أقيمت الدورة الافتتاحية من كأس دبي العالمي ليصبح يوم الجائزة الأكثر جاذبية في سباقات الخيل في العالم مستقطبة سباقاته الزوار من كل حدب وصوب لمشاهدة أرقى سلالات خيول الثوروبريد تتنافس على الفوز بقوة.

وتابعت أن مضمار "ميدان" الذي أكمل الآن من العمر سبع سنوات جاء ليكون أكبر مضمار للسباق في العالم حيث تمتد منصته الرئيسية لمسافة تزيد على الميل ليصبح رمزا لتطور سباقات الخيول في دولة الإمارات ودبي وأحد المكونات التي تجسد رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الخاصة لسباق الخيل في منطقتنا.

قالت إن هذا الشغف بالخيول رافق سموه طوال حياته وعرف بحبه لتاريخ سباق الخيل والتحديات التي يمكنه التغلب عليها في طريق النجاح وتنتاب سموه الفرحة الكبيرة عند مشاهدة الخيول وهي تعدو كما أن صورة مدرج مضمار "ميدان" وهو ممتلئ بالجمهور لمشاهدة كرنفال كأس دبي العالمي يمنحه شعورا بالفخر والاعتزاز بهذا الإنجاز الذي يأتي بين شواهد عديدة على قدرة دولة الإمارات العربية المتحدة وإمارة دبي لمواجهة كل التحديات.

وأشارت سموها إلى أن نموذج صناعة السباق في دولتنا لا يتطابق مع النموذج الغربي من حيث العائدات لكونها في الغرب تعتمد في نسبة من تمويلها على المراهنات التي لا تسمح بها دولة الإمارات وهو ما قد يفاجئ البعض من أصدقائنا الأجانب لكونهم غير ملمين بطبيعة ثقافتنا العربية وتعاليم ديننا الإسلامي الذي لا يجيز المراهنات في حين يبقى التركيز على السباق كشكل من أشكال التنافس الرياضي الذي يلاقي شغف المهتمين بالخيل.

واختتمت سموها مقالها بقولها " نحن في نهاية المطاف نجد متعتنا في ارتباطنا الثقافي والتراثي بهذا المخلوق واحترامنا للتاريخ الطويل لسباق الخيول ومعرفتنا العميقة به وفي المستوى الاحترافي الرفيع لفريق التدريب والأداء المبهر لهذه الخيول مهيبة الأداء على أرض المضمار".