24 Mar 2015

صاحبة السمو الملكي الأميرة هيا تدعو إلى المزيدٍ من الحلول لمساعدة الفئات الأقل حظاً في تحقيق الفرص والانتقال والاستدامة في "ديهاد" 2015

صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال؛

صاحبة السمو الملكي الأميرة ثروت الحسن؛

أصحاب المعالي والسعادة والعطوفة، الضيوف الأكارم، حضرات السيدات والسادة؛

 

أهلاً وسهلاً بكم في معرض ومؤتمر دبي الدولي للإغاثة والتطوير "ديهاد" لعام 2015

 

لقد استُوحيت المحاور لمعرض ومؤتمر دبي الدولي للإغاثة والتطوير في هذا العام، والمتمثلة في "الفرص" و"الانتقال" و"الاستدامة"، من معرض إكسبو الذي ستستضيفه دبي في عام 2020. هذه محاور واسعة في حد ذاتها وتوفر للمتحدثين سبلاً شتى لمناقشة التحديات التي نواجهها في التنمية العالمية.

فمن الناحية النظرية، تلخص هذه المحاور ما ينبغي أن يحققه أي مجتمع لكي يصل إلى النجاح في يومنا هذا؛ ولكن على صعيد الواقع، تواجه معظم الحكومات صعوبات جمةً عند الشروع بمواجهة تلك التحديات يومياً.

لقد سعى قادتنا هنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، ابتداءً من عهد صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إلى توفير تلك العناصر الثلاثة لمواطني الدولة، وقد بلغ نجاحهم حداً يفوق التصور. فقد أرسى قادتنا ثقافة النجاح.

وفيما يتعلق بمحور "الفرص"، تصنع المجتمعات فرصاً اقتصادية من خلال الجمع بين الاهتمام بالتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية وتشجيع الابتكار والنظم الضريبية والتنظيمية التي تعزز النمو بدلاً من أن تعطله.

هذا ما تحقق في دولة الإمارات العربية المتحدة، فنحن نوفر بيئة تنشئ الفرص للأفراد والشركات والهيئات الأخرى.

كما أننا نفخر بالخدمات التعليمية والصحية التي وفرناها لجميع مواطني الدولة مجاناً، فضلاً عن الزيادة الهائلة في مشاركة المرأة في مجال التعليم. حيث تأتي الإمارات في المركز الأول عالميّاً من حيث نسبة النساء الملتحقات بالتعليم العالي.

لقد عزز قادتنا أيضاً جانب الانتقال وسهولة الحركة، وذلك من خلال استقطاب المواهب من أكثر من 200 دولة، مما يجعل الإمارات الآن أكثر البلاد تنوعاً من حيث التركيبة السكانية. لطالما أدرك كل من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وغيرهم من قادة دولة الإمارات، الحاجة إلى الاستدامة الاقتصادية على المدى البعيد. وفي الوقت الذي اعتمدت فيه ثروة الدولة أساساً على إنتاج النفط، فقد كان هناك دافع مستمر نحو ايجاد الاستدامة القائمة على التنوع الاقتصادي.

وهنا في دبي، تحوز قطاعات النقل والمال والسياحة على حصة أكبر بكثير من حصة قطاع الطاقة في اقتصاد الدولة، لا بل إن دبي تعتمد الآن على قطاع الطاقة لتوليد الدخل بنسبة تقل عن 5%. كما سعت أبو ظبي والإمارات الأخرى نحو الاستدامة. ففي قطاع الطاقة، تُعتبر مدينة "مصدر" بمثابة جوهرة الإمارات المشرقة، وهي تمثل التزاماً لا مثيل له فيما يخص الاستدامة في استخدام الطاقة.

إن ما يفتقده الفقراء في العديد من الدول النامية هو تلك العناصر الثلاثة الأساسية المتمثلة ب: "الفرص" و"الانتقال" و"الاستدامة"، والتي تتوفر لدينا هنا.

ولكن هناك أمر ينساه الناس، وهو أن دولة الإمارات قد نشأت على يد قادتها من الصفر، فقد عمل صاحبا السمو الشيخ راشد والشيخ زايد بجدٍ واجتهاد لبناء مستقبل أفضل لشعبهما. كما عانى جيل صاحب السمو الشيخ محمد على مر السنين مع المجاعات ومحدودية فرص التعليم والخدمات الصحية، وعلى الرغم من ذلك، فإنه من الممكن تحقيق الكثير تحت راية قيادة لديها الدافع لخدمة شعبها.

زُرتُ في العام الماضي مخيمات اللاجئين من جنوب السودان في منطقة جامبيلا بإثيوبيا، ورغم الجهود التي تبذلها السلطات المحلية، كانت الأوضاع صادمة. فقد شكلت النساء والأطفال أكثر من 90 بالمائة من اللاجئين، وعانى معظمهم لعبور الحدود إلى إثيوبيا، وكانوا على وشك الموت جوعاً. لقد كان هناك عشرات الآلاف منهم يعيشون في العراء، لا يحميهم إلا عدد قليل من الخيام أو الأكواخ. وتعيش النساء في خوفٍ دائم خشية الاغتصاب أو الاختطاف، حتى أن البحث عن الماء لأطفالهن كان يعرِّض حياتهن للخطر. ولم يخاطر إلا القليل للخروج بعد غروب الشمس.

بالنسبة لهؤلاء النساء والأطفال، لم تكن هناك أية فرص أو قابلية للانتقال أو استدامة، فقد كانوا محاصرين في غابة لا يستطيعون الزراعة فيها أو إقامة نشاط يدِرّ عليهم أي عائد. لقد كان التعليم ممكناً هناك، وسَعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمات الغير حكومية الأخرى بالفعل إلى توفير فرص التعليم، ولكن لم يكن بالإمكان تطبيق هذه الدروس. وقد بذل العاملون في مجال الصحة جهوداً متواصلة ليلاً ونهاراً لتوفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية. ومع وجود النقص في مياه الشرب والأراضي الصالحة للزراعة، لم تكن هناك إمكانية لتحقيق الاستدامة في المخيم بدون استمرار التدفقات النقدية والغذائية من المانحين.

تُعد حياة لاجئي جنوب السودان في جامبيلا مثالاً قاسياً على المجتمعات الفقيرة، ولكن معظم تلك المجتمعات تتشارك في الكثير من السمات، تتمثل في وجود أفراد يعيشون في بيئات وأنظمة اجتماعية مغلقة، لا يمكنهم من خلالها تأمين متطلباتهم المعيشية أو الحصول على فرص كافية للتغلب على العقبات التي تحول دون تقدمهم.

وفيما يخص الفرص، فإن العقبة الأولى أمام الأسر في البلدان النامية هي سوء التغذية وتدهور الحالة الصحية الذي يصاحبه. فالطفل الذي يعاني من سوء التغذية الحاد لن يتمكن أبداً من الوصول للنمو الكافي حتى تكون لديه القدرة العقلية والبدنية اللازمة للنجاح. حيث يقول أخصائيو التغذية أن الألف يوم الأولى من حياة الطفل هي فترة حرجة للغاية، فإذا كان الطفل يعاني من سوء التغذية أثناء تلك الفترة فإن حياة الطفل قد انتهت قبل أن تبدأ.

في ظل وجود مبادرات مثل معرض ومؤتمر دبي الدولي للإغاثة والتطوير وعند اجتماع هذه العقول العظيمة، فإننا نتخذ خطوات هامة لتوفير المساعدة التي يحتاجها الأفراد في المجتمعات الفقيرة، وهذا هو هدف المؤتمر: إيجاد الحلول.

هناك الكثير من العمل الذي ينبغي علينا إنجازه لمساعدة فقراء العالم في الحصول على الفرص بما يتساوى مع المجتمعات الأخرى. ففي عام 2000، دعت الأهداف الإنمائية للألفية التابعة للأمم المتحدة إلى تخفيض نسبة الجوع وسوء التغذية بين الفقراء إلى النصف بحلول عام 2015.

لقد أحرزنا تقدماً ولكن ما زال هناك 835 مليون شخص يعاني من الجوع المزمن، إلى جانب ملياريّ شخص يعاني من أشكال مختلفة لنقص التغذية، مثل فقر الدم، خاصةً بين النساء والفتيات، ونقص اليود وفيتامين أ. وبالرغم من مئات المليارات من الدولارات التي قدمها المانحون كمعونة إنمائية في نصف القرن السابق، ما زلنا نواجه هذه الحقيقة المخزية، مما يحتم علينا أن نواصل العمل بجدٍ واجتهاد للقضاء عليها.

وإنني لعلى يقين بأن كل المتحدثين والمتحدثات هذا الأسبوع سيكون لديهم رؤيتهم الخاصة بهم لكيفية توفير الفرص وتحقيق الانتقال والاستدامة.

إنه لشرفٌ عظيم لي أن أقدم لكم متحدثاً مميزاً للغاية. فطوال طفولتي وبالتأكيد حتى يومنا هذا، كنت أستمع إلى حديثه بإعجابٍ شديدٍ. فإلى جانب كونه إنساناً رائعاً فهو مفكرٌ استثنائيّ، ولم أكن أحلم يوماً أنه قد تُتاح لي الفرصة يوماً ما لأقدم عمِّي المقرب لي كمتحدث.

دعوني أذكر لكم بعضاً من إنجازاته. فصاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال هو رئيس المجلس الاستشاري للأمين العام للأمم المتحدة لقضايا المياه والصرف الصحي، وبهذه الصفة، يعمل سموه جاهداً لنشر الوعي حول الفرص التي قد تتوفر عند التغلب على مشكلة شح المياه وإمكانية ذلك في المساهمة في تحقيق السلام الدائم بالمنطقة.

كما أن سموه عضو في مؤسسة القيادة العالمية، وعضو في مجموعة الأزمات الدولية، وعضو في مجلس مستقبل العالم. ويعمل أيضاً مع المجموعة الاستشارية غير الرسمية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهو عضو في الهيئة الدولية لمجلس العلاقات الخارجية، وقد ساعد في إسداء النصح والإرشاد للعديد من المنظمات في الأردن وحول العالم.

وعليه، ودون أن أطيل عليكم، أود الآن أن أدعو عمّي صاحب السمو الملكي الأمير الحسن لإلقاء كلمته.

وشكراً لكم.

-انتهى-