10 May 2016

افتتاح لمنتدى الإعلام العربي

صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم

أصحاب السمو والمعالي والسعادة

الحضور الكريم

أتشرف اليوم بالتحدث اليكم جميعاً... قادة ورواد عالم الإعلام بشتى أشكاله... ومن على هذا المنبر السنوي المميز... منتدى الإعلام العربي... لأسجل مشاهداتي الشخصية... مع تقديري لجهودكم في بلاط صاحبة الجلالة.... الاعلام.

فوسط ما يدور في عالمنا اليوم... وخصوصاً في وطننا العربي من اضطرابات سياسية واقتصادية وثقافية... أصبح جلياً تهميش الجانب الإنساني... ووضع تلك الأزمات الإنسانية ضمن قائمة طويلة من الاهتمامات الإعلامية.

ولا يخفى على أحد التأثيرات السلبية التي خلفتها التغيرات السياسية والاجتماعية في منطقتنا العربية بالسنوات الأخيرة... والتي شوهت صورة ديننا الحنيف... وزادت من حجم الفجوة في فهم الغرب لحقيقة الإنسان العربي...... الأمر الذي وضعنا كعرب... وللأسف.... ضمن صورة نمطية خاطئة ومسيئة لنا جميعا.

وكوني متابعةً ومهتمة.... فقد لاحظت وجود العديد من المحاولات والجهود المبذولة في الإعلام العربي... للتفريق بين الفكر الظلامي لفئة ضالة... لا علاقة لها بالإسلام من قريب أو بعيد... عبر مواقع التواصل الاجتماعي.... وبين فكر التسامح واحترام الإنسان وحقوقه... بصرف النظر عن دينه، أو عرقه أو جنسه...

وهناك تطبيق عملي يدل على فهم واضح لهذا الأمر... جاء في مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ... في إيجاد حقيبتين وزاريتين جديدتين ضمن تشكيلة حكومة دولة الإمارات .... واحدة للتسامح.... والأخرى للسعادة.

لقد لقيت هذه الخطوة... غير المسبوقة... ردود فعل شعبية واسعة على مستوى العالم، وخصوصاً في أوساط الشباب... الذين طالبوا حكوماتهم بالسير على نهج دولة الإمارات.

وقائمة الإشادة بالإنسان ورجل الدولة المحبوب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم --- لا تنتهي ...

وعلى الرغم من حجم مسؤولياته كنائب لرئيس الدولة، ورئيس الوزراء وحاكم دبي.. فهو ذاته الذي يقف ليساعد امرأة في اصلاح سيارتها.... ويذهب إلى مركز التسوق من دون حراسة.... ويقضي بعض الوقت مع الأطفال الأيتام ليقرأ القصص ويتحدث معهم.... كأب لهم... فهو يسير على نهج المؤسَسَين... المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان... والمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم ...رحمهما الله.

الأخوات والأخوة

لقد مكّنت منابر التواصل الاجتماعي الأفراد من نقل بعض الأخبار الجديدة علينا...

واسمحوا لي أن اتوقف هنا عند موقف انساني قرأته عبر أحد المنابر...

القصة تدور حول صورة نشرتها معلمة لسموالشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، عندما وجد طفلة تقف وحدها بالقرب من بوابة مدرستها... وتتلفت وكأنها ضلت طريقها... فنزل من سيارته وسألها فردت بأنها تنتظر والدها الذي تأخر... فعرض سموه بمشاعر الأبوة إيصالها... فردت بان أهلها حذروها من التحدث أو الخروج مع الغرباء... فما كان من سمو الشيخ محمد بن زايد إلا البقاء الى جانب الطفلة جالساً على الرصيف الى حين وصول والدها.

ليس غريبا علينا ان نسمع ونرى مثل هذه الاعمال. فالشيخ محمد بن زايد تربى في بيت المؤسس الراحل الوالد الشيخ زايد.. وأم الشيوخ والإمارات الشيخة فاطمة أطال الله في عمرها... والتي تعلمنا يومياً معنى العطاء والمساعدة من دون حدود...

الحضور الكريم

نسمع باستمرار دعوات صادرة عن حكومات ومسؤولين تنتقد بعض وسائل الإعلام... وتطالب الإعلاميين بالمهنية...

وجميعنا هنا يتفق على أن المصداقية والمعرفة والمهنية تشكل صلب عملكم اليومي.

ولكن... في المقابل... لا بد من التأكيد على أن من حق الإعلامي والإعلامية... في أي مكان في عالمنا العربي... العيش بكرامة....

فهم من ضحوا بحياتهم وقضى خلال عام 2015 ... 110 من الاعلاميين ضحايا نزاعات وحروب.

ولهذا أدعو من على هذا المنبر.... المسؤولين عن وسائل الإعلام العربية، وبعضهم حاضر معنا اليوم...... إلى إعطاء الإعلاميين حقوقهم المادية المناسبة.... التي تؤمن لهم العيش الكريم.

الأخوات والأخوة

نحن جميعا نستحق أن نعرف الحقيقة... وننتظر من الإعلام أن يكون مرآة الحقيقة.

البعض منكم يلوم مقص الرقيب ...

ولهذا أدعو... إلى رفع القيود عن السلطة الرابعة.... الإعلام.... كي يقوم بدوره في نقل الصورة الحقيقية لنا جميعاً... مع التأكيد على ضرورة احترام القوانين التي تحافظ على حقوق الجميع....

.... فلا احد فوق القانون....

كما أدعو الجميع... إلى العمل تحت مظلة منتدى الإعلام العربي... لوضع ميثاق شرف جديد للمهنة ... يضمن أكبر نسبة من التوافق بين جميع الأطراف.... من دون استثناء...

الأخوات والأخوة

.... بما أن الحقيقة هي هدفنا جميعا... دعوني اتحدث عن أمر قريب جداً إلى قلبي... الجانب الإنساني، وهو لحسن الحظ عنوان منتداكم لهذا العام...

فنحن نسمع عن ما يسمى بصناعة الإعلام ... ولكن هل يمكن لنا ان نهتم    

بالكوارث الإنسانية في عالمنا العربي، من جانب البُعد الحضاري والقيم الإنسانية وليس الصناعة؟؟

وبالتالي إعطاء المساحة المناسبة والمعلومات الصحيحة في الاعلام ؟ ....

وأتساءل هنا...

... هل نجح الإعلام الغربي، وحتى العربي، في نقل او إعطاء المساحة المناسبة مثلا...... للهبة والنخوة العربية، التي تمثلت في مبادرة سمو الشيخ محمد بن راشد وبتوجيهات من قائد البلاد صاحب السمو الشيخ خليفة، حفظه الله.. بالوقوف إلى جانب الأطفال والشيوخ والنساء الأبرياء في غزة عام 2014....عندما قصفت إسرائيل المستشفى الذي لجأوا اليه كمكان آمن لهم آنذاك؟

وبناء على هذه المبادرة التي صدرت خلال ساعات من العدوان، أرسلت دولة الإمارات المتحدة مئات الأطنان من المساعدات الإنسانية الفورية لهم...

الحضور الكريم

نتشرف اليوم أن يكون معنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، الرائد في مجال التواصل الاجتماعي من خلال صفحاته الناشطة..... بهدف الوصول.... ليس فقط إلى المواطن الإماراتي والمقيم هنا... بل يضاً للتواصل مع الإنسان اينما كان...  

فغاية الشيخ محمد من ذلك، ورغم الأرقام القياسية التي تحدثتم عنها جميعاً من حيث عدد المتابعين... غايته ليست الشهرة.... كما البعض، ولكن إعطاء المعنى الحقيقي للتواصل والتشاور.

 الأخوات والأخوة

هنا أيضاً.. أعود سنوات إلى الوراء.... وتحديداً إلى الأردن... حيث حرص والدي المغفور له الحسين بن طلال على التواصل مع العديد من هواة الراديو... وهو الأمر الذي لم يكن اعتياديا آنذاك أن يقوم به ملك...

ووالدي هو ذاته الذي حرص على التواصل المباشر مع الناس من خلال الجولات والمجالس، وحتى التخفي والنزول الى الشارع أحياناً ليستمع إلى هموم المواطنين مباشرة...

فهو الذي قال وطبق عبارة ... الإنسان أغلى ما نملك..

وهذا ما علمنا إياه جميعاً... وهو نفس الأسلوب الذي يسير عليه اخي جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين.

الحضور الكريم...

يصف البعض الإعلام الغربي بالمزاجية في اختيار الأخبار من منطقتنا...

فكم وسيلة إعلام عالمية مثلاً...

... سلطت الضوء على البُعد الانساني لمبادرة دول الخليج العربي بقيادة المملكة العربية السعودية و شقيقتها دولة الإمارات في مد يد الأخوّة للشقيقة الكبرى مصر.... ومساعدتها في إعادة البناء ودعم الاقتصاد وتوفير فرص العمل للملايين؟

مصر ... التي قادتها رائدة عالم التواصل والعلاقات الاستراتيجية في التاريخ.. الملكة كليوبترا.. بحسب العديد من الدراسات...ومصر ذاتها التي يشكل الشباب النسبة الأعلى من سكانها.. وهم مصدر أملنا بالمستقبل.

وجائزة شيخ الشباب سمو الشيخ حمدان بن محمد ولي عهد دبي للتصوير الضوئي هي مثال حقيقي ينقل الشباب من خلاله الصورة الإنسانية من دون رتوش... لنا جميعاً.

الأخوات والأخوة

أختتم كلمتي بقصة إنسانية عن الجوع...... صدقوها... لأنني عايشتها كشاهد عيان....

ففي إحدى زياراتي كرئيسة المدينة العالمية للخدمات الإنسانية ...

... والتي أسسها سمو الشيخ محمد لتصبح الأكبر عالمياً..

... في إحدى زيارتي إلى مالاوي.. التقيت بأم في مستشفى تبكي لفقدان طفلها بسبب الجوع... فأمسكت بيدها لمواساتها... وفي تلك الأثناء أحضروا لها كيساً بلاستيكياً اسود اللون... وإذا بجسد طفلها المتوفى فيه...

.... نعم انه ذات الكيس الذي نضع فيه القمامة... ولكن لهذه الأم ... وضع... فيه... كنز ...ضاع...

هذه الصورة الإنسانية بقيت ترافقني ولا تغيب عن ذهني.. ولكن.. الحمد لله على مصدر الإلهام والقوة الذي يساعدني وغيري للسير إلى الأمام... بعد الله سبحانه وتعالى.. إنه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.. لنشاهدة معاً...