18 Jan 2016

كلمة صاحبة السمو الملكي الأميرة هيا بنت الحسين بمناسبة إطلاق تقرير التمويل الإنساني

صاحب السمو؛

أصحاب المعالي والسعادة والعطوفة؛

السيدات والسادة؛

 

أشكركم على حضوركم واهتمامكم في هذا المساء، وأتقدم بالشكر إلى صاحب السمو على استضافة هذا الاجتماع الهام وفي الوقت المناسب.

إنه لمن دواعي سرورنا أن يشرفنا السيد الأمين العام في هذا الاجتماع، كما يُسعدنا أن نُرحّب بكم جميعا في هذا الحدث الهام.

لقد انبثق اجتماع اليوم عن قرار التكليف الصادر عن السيد بان كي - مون لإعداد هذا التقرير بعد أن وضع الخطوط العريضة له.

لقد جاء هذا التقرير في مرحلة مفصلية، كما سنسمع من إفادة الرئيسين المشاركين للفريق رفيع المستوى المعني بتمويل الأنشطة الإنسانية، السيدة كريستالينا جورجييفا، وصاحب السمو الملكي السلطان نازرين شاه حاكم ولاية بيراك.

لم يكن هناك قط تمويل إنساني كاف، وفي ظل النطاق الغير مسبوق للكوارث العالمية الناتجة عن الطبيعة وعن البشر، فقد أصبحت الاحتياجات الآن أكثر من أي وقت مضى.

ولذلك، فقد جاء إصدار هذا التقرير مُناسباً وفي الوقت الصحيح، إذ أنه ثمرة ستة أشهر من العمل لفريق متميز من الخبراء العالميين الذين عملوا جنباً إلى جنب مع العاملين الميدانيين في القطاع الخاص والمجتمع المدني.

وقد رحبنا جميعنا في المجتمع الدولي بالتقرير الصادر تحت عنوان: "ذو أهمية كبرى لا تحتمل الفشل – جَسر الفجوة في تمويل العمل الإنساني".

ويُعد هذا التقرير كخطوة مهمة نحو القمة العالمية للعمل الإنساني التي ستنعقد في شهر مايو من العام الحالي في اسطنبول.

خلال محاولتنا لتلبية احتياجات المتزايد من الأزمات، لطالما سعينا جميعاً لإيجاد الطرق الممكنة لتوفير مستويات كافية من الاستجابة، حيث توفرت لدينا موارد محدودة وسعينا للاستفادة منها بأكبر وأوسع قدر ممكن.

ولم يُلاحق شبح المخاوف والتطلعات أي دولة بقدر ملاحقته لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي كانت دوماً في طليعة الدول التي تقدم المساعدات.

وفي عام 2015، حظينا بشرف أن نكون في طليعة دول العالم المانحة للمساعدات من حيث نسبة المساعدات إلى إجمالي الناتج المحلي للدولة.

إننا ندرك جيداً أن الأشخاص الأكثر تضرراً هم دائما الأكثر فقراً، وغالباً الأكثر تهميشاً، والأكثر عرضة للخطر بكل تأكيد.

ولمجابهة ذلك، يتمثل دورنا الأساسي في إنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة وحماية كرامة الإنسان والحفاظ عليها في تلك الأثناء.

واليوم، لقد أصبحت كلمة "الحفاظ" ذات أهمية خاصة ومحل تركيز شديد.

إذ يُشير نطاق الأزمات والكوارث الحالية إلى أنها غالباً ما تكون متكررة وطويلة الأمد.

وباختصار، إن مجابهة الأعراض المباشرة ونتائجها، والتي في كثير من الأحيان هي المسببة للأعراض – تكلفنا الآن أكثر من أي وقت مضى.

ولذلك يتعين على المجتمع الإنساني أن يسعى للإستجابة على نطاق أوسع من أي وقت مضى.

حيث يؤدي الفقر إلى التعرض للخطر، ويؤدي التعرض للخطر إلى عدم الأمان وتفاقم المخاطر؛ وكذلك تنتج الكوارث البيئية عن العجز السياسي، وهكذا تدور الحلقة المفرغة والبشعة.

ولذلك، نعم، ينبغي علينا أن نكون هناك أولاً للنهوض بالأعباء كاملة، ولكن علينا أيضاً أن نبقى في الموقع لإدارة التداعيات والعمل على توفير قدرات مهنية "محلية" تتسم بالكفاءة والفعالية على المدى الطويل.

ويشكل ذلك جزءاً هاماً من دورنا، ولكنه ليس كافياً.

لا يمكننا أن نفعل كل شيء ولا ينبغي علينا أن نسعى إلى ذلك، فهنا يجب أن تظهر القوة المحلية والكرامة الوطنية لتنهض بدورها الحقيقي.

وعند النظر والتمعن في موجز الأمين العام السيد بان كي مون، ستسمعون من الرؤساء المشاركين للفريق وستجدون في التقرير أن المساهمين قد نجحوا فيما يلي:

  • بيان كيفية زيادة الموارد المتاحة للمساعدات الإنسانية العالمية،
  • توفير السُبل لجعل المعونة الإنسانية أكثر قابلية للتنبؤ وفي التوقيت المناسب،
  • اقتراح الإجابات والحلول التي بدورها تُحسِّن من كفاءة توزيع المساعدات في الميدان.

أود أن أشير إلى أن غالبية المقترحات المقدمة تتماشى تماماً مع موقفنا في دولة الإمارات العربية المتحدة وكذلك مع تطلعاتنا.

ينبغي دوماً أن تكون الشراكة هي جوهر كل ما نسعى إلى تحقيقه، بحيث تكون الشراكات بين الوكالات والأفراد وحتى الأمم.

الشراكة والالتزام، هذا هو ما تنبه له الآباء المؤسسون لدولة الإمارات العربية المتحدة عند بناء بلدنا.

ولا زلنا حتى اليوم نتحلى بروح المشاركة نفسها، بينما نواصل بناء بلدنا الشاب، ونسعى إلى التحالف مع الآخرين في سبيل دعم المبادرات القوية مثل مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (Cop 21)، ونعمل على استضافة المنظمات الدولية مثل الوكالة الدولية للطاقة المتجددة وكذلك الفعاليات العالمية مثل معرض إكسبو 2020، وبالطبع، هذا اللقاء الأساسي اليوم.

يفيض التقرير بأمور جديرة باهتمامنا ودعمنا، وهناك الكثير من القضايا التي ستؤدي إلى نقاش صحي وبنَّاء.

ولكنه ليس من واجبي اليوم، كما أنه ليس دورنا هنا اليوم، أن نجري هذه النقاشات، ولكني أود أن ألقي الضوء على بعض العناصر الرئيسية التي لفتت انتباهي.

إنه من الواضح أننا نحتاج إلى طرق أفضل وأكثر فعالية لزيادة المبالغ اللازمة لتمويل الرعاية الإنسانية.

وبهذا الصدد، فإننا نود جميعاً أن نرى المزيد من البحث في السُبل التي يمكن للتمويل الاجتماعي الإسلامي من خلالها أن يعود بالفائدة على المبادرات التنموية، وربما يمكننا أن نتعلم بعض الدروس من منظمة جافي (GAVI).

إذ يُشكّل هذا التقرير الآن أساساً قوياً لانعقاد أول قمة إنسانية عالمية خلال العام المقبل.

كما يبدو أن مُطالبة اللجنة إلى الحكومات لتخصيص نسبة أعلى من إجمالي ناتجها المحلي للمساعدات الإنسانية هو أمرٌ مبرر تماماً، وخاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار حجم التحديات التي نواجهها الآن، فضلاً عن مستوى الاستجابة الدولية إلى يومنا هذا.

إنني لعلى يقين وثقة تامة بأنه ومع انتهاء هذه الدورة، ستشاركونني في أمنيات الخير عند إطلاق هذا التقرير في عالم يحتاج بشدة إلى التفكير ذي المستوى العالي الذي أُعِد على أساسه، وكذلك التفاصيل الهامة التي احتواها.

أما الآن، فإنني أشكركم على حضوركم الكريم، وأعلم أنني عندما أُثني على العمل المُنجز، فإنني أتحدث بالنيابة عن صاحب السمو وبالنيابة عن أعضاء اللجنة والمتحدثين جميعاً. وأنا أتطلع للمزيد من النقاشات حول الموضوع، والأهم من كل ذلك، أتطلع إلى النهوض بدورنا في معالجة هذه الفجوة المالية.

واقتباساً من عنوان التقرير، إن هذه المسألة حقاً تُصنّف تحت بند: "ذو أهمية كبرى لا تحتمل الفشل".

أشكركم جميعاً وأطلب منكم الانضمام إلي في الترحيب بسعادة الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون.

-انتهى-