25 Jan 2015

لا ينتهي الأمر إلى أن نحرز النصر

إنه لشرفٌ عظيم أن أحظى بهذه الجائزة، ولكنه ليس بإمكاني أن أدعي بأنني بطلة مكافحة الجوع. فأنا شاهدة على الجوع وأرى ما يفعله الجوع بالناس، وأعبِّر عنه كما هو.

الجوع يدمّر ويجتاح، ويسيطر بوحشية على العقل. وهو يهجم بقوة، وينتقص ويجرد من الصفات الإنسانية عندما يهجم. إنه مفترس وعديم الشفقة في هجومه.

وفي جبهة القتال ضده، هناك جيشٌ من العاملين في مجال الإغاثة وهم ينظرون في عيون وحش الجوع كل يوم. هؤلاء المقاتلون هم العاملون المتفانون من رجال ونساء برنامج الأغذية العالمي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة أوكسفام، ومنظمة أطباء بلا حدود، والعديد من المنظمات الكبيرة الأخرى. هؤلاء هم الذين يستحقون التقدير، لا بل أكثر من ذلك، فهم يحتاجون إلى مساعدتكم، ويحتاجون أن تتذكروهم دائماً.

يكافح هؤلاء في الحرب الطويلة ضد الجوع. وهذه الحروب الطويلة تجهِد الناس وتتلاشى في خلفية الوعي العام. ونحن لن نهزم الجوع إلا إذا رأيناه على حقيقته: كأزمة عالمية تمثل تهديداً لنا جميعاً، حتى غير المحرومين منّا الذين يحصلون على التغذية الجيدة.

أود أن أهدي هذه الجائزة إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وهو الذي يجعل كل ما أفعله أنا وكثيرون آخرون ممكناً. فهو يدرك الحاجة للاستجابة الفورية، وقد أظهر لي مراراً وتكراراً اهتماماً لا يحتمل الانتظار عندما يتعلق الأمر بأي قضية إنسانية.

لقد يسّر سموّه المساعدات بطرق عديدة وبشكل لا يصدق. وبإمكاني أن أسرد إليكم الكثير من الأرقام والإحصائيات، وقائمة المشاريع "لا نهائية" ... ولكن الأفعال أبلغ من الكلمات، فما قام به سموّه كان له تأثير على حياة الملايين من الناس.

ولصاحب السمو العديد من المقولات، ولكن إحدى المقولات المفضلة لدي هي أنه قد: "حان الوقت الآن للتصرف وتقديم الإغاثة والدعم والمساعدة، وليس هذا هو وقت الكلام."

وأنا فخورة جداً بأن دولة الإمارات العربية المتحدة، وطني الآن، تمنح المساعدات كنسبة من إجمالي الدخل القومي تفوق أي نسبة في العالم.

كما ينبغي أن أعرب عن بالغ الشكر والتقدير لكثير من الأفراد الآخرين المتواجدين هنا في هذه الليلة والذين يستحقون هذه الجائزة أكثر مني، وأنا أتسلمها نيابةً عنهم وأشاركها معهم بكل إخلاص، ومنهم الأمين العام بان كي مون وحملته للقضاء على الجوع "Zero Hunger Campaign"، والأمين العام السابق كوفي عنان الذي وضع الأهداف الإنمائية للألفية، وبيل وميلندا غيتس لجهودهما في هذا المجال، وصديقتي العزيزة إرثارين كازن وهي واحدة من أكثر السيدات نشاطاً ووداً واجتهاداً في محاربة الجوع، وهي قدوة بالنسبة لي.

لقد بذل جميع هؤلاء الأشخاص جهوداً كبيرة لمحاربة الجوع وسوء التغذية.

لكل منّا دورٌ يؤديه إلى أن يصبح الجوع والمجاعة شيئاً من غبار الماضي، دعونا نجعل من الجوع إحدى الأوجه المخزية للقرن الواحد والعشرين. ولا ينتهي الأمر إلى أن نحرز النصر!

وشكراً لكم.

-انتهى-